من إيكوسيم إلى الجزائر

يسعى الإسلام إلى الرقي بالإنسان من ظلمات الجهل إلى نور العلم والمعرفة وفي الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تكريما للعلم والعلماء ورفعا من منزلة العقل ، ويعد أولو الألباب  " والراسخون في العلم " من أصحاب الدرجات العلى ، وهو ما ورد في قوله : " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " بل نجد في اية أخرى تمييزا للعلماء ، بقوله " انما يخشى الله من عباده العلماء " ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يعظ أصحابه " اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد " و " العلم فريضة على كل مسلم " و" من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع " واقتفى السلف الصالح اثر هذا النهج في بناء حضارة الإسلام على أسس علمية لكونه دين الواقعية بل إن المعرفة لديه كمثل المصباح الذي يستضيء به إذا ادلهمت الدياجي واشتبهت عليه السبل ، وهو ما يستشف من مصنفات العلماء في تسجيل الأخبار والمآثر فنقرا في تصنيف الإمام البيهقي رحمة الله عليه " المحاسن والمساوئ " قوله : " يعد تصنيف الكتب اشد تقييدا للمآثر على مر الأيام والدهور من البنيان ، لان البنيان لا محالة يدرس وتعفو رسومه ، والكتاب باق ، يقع من قرن إلى قرن ، فهو أبدا جديد . والنظر في المفيد . وهو ابلغ في تحصيل المآثر من البنيان من التصاوير ..."

ولا نبالغ إذا قلنا بان القرن الواحد والعشرين سيكون عصرا للمعرفة ، مون الواضح إن التحولات الكبرى وتاريخ الإنسانية سيشهدها القرن وسيصبح  امتلاك العلم والمعرفة بديلا عن الثروات الطبيعية وعن رأس المال . ومن ثم تعمل الدول العربية والإسلامية على ربط الجسور الثقافية بينها عن طريق البعثات الدراسية وتبادل الكتب والمطبوعات والندوات والمؤتمرات إلى جانب الانفتاح على الآخر لبناء قيم العدل والسلام بين بني البشر

وتأكيدا لهذا الدور في إيصال الموروث الثقافي للأجيال بغية التواصل الحضاري وفي إطار " الجزائر عاصمة للثقافة العربية 2007 " يصدر هذا الكتاب كثمرة جهد مشترك بين ثلة من الباحثين ، يدعم المثقف والمختص ويسلط الضوء على مدينة البهجة وعلاقتها بالعالم القديم والحديث ، قديم من حيث البحث عن معلومات تبدد حيرتنا وتيسر مراجعة ارثنا الثقافي وتعيد توظيفه لخدمة قضايانا المعاصرة

وجديد من حيث الطرح خاصة في وقت تطورت فيه المناهج البحثية وآلياتها

نريد توظيف أحدث التقنيات والجمع بين الاختصاصات في دراسة تراثنا المادي وغير المادي ، نبحث عن تلك العلاقة المفقودة بينهما باستخدام المنهج التاريخي في توظيف النصوص التاريخية والمنهج الأثري في دراسة اللقى وتقديمها لزوار المعرض حتى نفتح أمام الثقافة آفاقا جديدة من التعبير عن نفسها في الزمان والمكان ، والحضور بين الثقافات المعاصرة

ذلكم هو ما تتصفحونه في هذا الكتاب الذي رتبت مادته زمنيا وصنفت موضوعيا

فبعد المقدمة التي تعرض لمحة تاريخية عن مدينة الجزائر عبر مختلف العصور ، يتم التطرق الى مواضيع متنوعة في الحياة الاقتصادية والدينية والاجتماعية والعمرانية والفنية للمدينة خلال مراحلها

وهكذا فان إعادة الطرح لمثل هذه المواضيع المطروحة من قبل وبطريقة مغايرة إنما يهدف في النهاية إلى تحديث الثقافة الوطنية عن طريق إعادة توظيف الموروث الحضاري الذي أصبح مصدرا أساسيا في الإبداع الثقافي وداعما للتنمية المستدامة